كندا ضمن أفضل 10 دول عالميًا من حيث التوازن بين الحياة والعمل


هل كنت تظن أن الهجرة إلى كندا تعني مجرد الحصول على وظيفة؟

الحقيقة أن كندا لا تقدم فقط فرصًا مهنية قوية، بل تمنح المقيمين فيها أسلوب حياة متوازن يصعب العثور عليه في كثير من الدول حول العالم. فبينما يسعى الكثيرون للهجرة من أجل العمل والاستقرار، يغفل البعض عن واحد من أهم جوانب الحياة في كندا: التوازن الحقيقي بين الحياة الشخصية والعمل.

ومع تزايد الضغوط في بيئات العمل حول العالم، يبحث الكثيرون عن بلد يضمن لهم مستقبلًا مهنيًا دون التضحية براحتهم النفسية أو وقتهم العائلي. وهنا تبرز كندا، التي حجزت لنفسها مكانًا في قائمة أفضل عشر دول عالميًا من حيث جودة التوازن بين العمل والحياة، وفقًا لتقرير دولي صدر في عام 2025.

في هذا المقال، نأخذك في جولة تفصيلية داخل نتائج هذا التقرير، ونشرح ماذا تعني هذه الأرقام فعليًا للمهاجرين، ما مزايا كندا مقارنة بالدول الأخرى، ولماذا قد تكون خيارك الأمثل لحياة مهنية ناجحة… دون أن تدفع الثمن من صحتك أو وقتك.

كندا ضمن أفضل 10 دول عالميًا من حيث التوازن بين الحياة والعمل، ما الذي يعنيه ذلك للمهاجرين في عام 2025؟

في تقرير عالمي صدر مؤخرًا عن شركة Remote العالمية المتخصصة في حلول الموارد البشرية، تم تصنيف كندا في المرتبة السابعة عالميًا ضمن مؤشر “أفضل الدول من حيث التوازن بين الحياة والعمل” لسنة 2025، وذلك من بين 60 دولة شملها التحليل. هذا التصنيف يُعد دليلاً قويًا على البيئة المستقرة والمحفّزة التي توفرها كندا للمقيمين والمهاجرين على حد سواء، خصوصًا أولئك الباحثين عن فرصة للهجرة لا تقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تمتد أيضًا إلى نمط حياة متوازن وصحي.

المرتبة السابعة عالميًا – ماذا يعني ذلك فعليًا؟

تمكنت كندا من تحقيق درجة إجمالية بلغت 73.46 من أصل 100، وهو ما يجعلها ضمن أفضل عشر دول في العالم من حيث التوازن بين الحياة والعمل. الدول الوحيدة التي سبقتها في الترتيب كانت بشكل شبه كامل من أوروبا، باستثناء نيوزيلندا التي تصدّرت القائمة بالمركز الأول بدرجة 86.87. المرتبة الثانية كانت من نصيب أيرلندا بدرجة 81.17، ثم بلجيكا في المركز الثالث بـ75.91، تلتها ألمانيا بـ74.65، ثم النرويج بـ74.2، والدنمارك بـ73.76. وجاءت كندا بعد ذلك في المركز السابع، متفوقة على أستراليا التي جاءت ثامنة، وإسبانيا تاسعة، ثم فنلندا عاشرة.

الأمر اللافت للنظر أن كندا هي الدولة الوحيدة في الأمريكتين التي نجحت في دخول هذه القائمة المرموقة، مما يبرز مكانتها الإقليمية. في المقابل، احتلت الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة ما قبل الأخيرة، وهي المرتبة 59، بدرجة متدنية جدًا بلغت 31.17، مما يسلّط الضوء على التباين الكبير في بيئة العمل والمعيشة بين الدولتين الجارتين.

الفوارق التفصيلية بين كندا والدول الأخرى في المؤشرات الدقيقة:

عند النظر إلى المؤشرات الفرعية التي بُني عليها التقييم العام، تظهر جوانب محددة تُبرز تفوّق كندا أو تشرح مواضع تراجعها مقارنة بدول أخرى.

1. مؤشر السعادة العام:

سجلت كندا 6.8 من أصل 10 في مؤشر السعادة العام، وهو تقييم مرتفع نسبيًا يدل على رضا السكان عن حياتهم اليومية، وتوافر عوامل الرفاهية النفسية والاجتماعية. بالمقارنة، النرويج سجلت 7.26، وأستراليا 6.97، وألمانيا 6.75، في حين جاءت إسبانيا خلف كندا بـ6.47. هذا يضع كندا في مرتبة متقدمة نسبيًا من حيث رضا السكان، ويعزز من جاذبيتها للمهاجرين الباحثين عن بيئة أكثر استقرارًا نفسيًا.

2. مستوى الأمان والسلامة:

سجّلت كندا درجة 1.45 على مقياس السلامة (وفقًا لمؤشر السلام العالمي الذي يتراوح من 1 إلى 4 حيث الرقم الأقل يعني بيئة أكثر أمانًا). هذا الرقم يعكس مستوى عاليًا من الاستقرار المجتمعي والسياسي. للمقارنة، أستراليا سجلت 1.54، وألمانيا 1.54، وإسبانيا 1.6، في حين جاءت النرويج في المقدمة بدرجة 1.64، مما يجعل كندا ضمن أكثر البيئات أمنًا للعيش والعمل، خاصة للعائلات التي تسعى إلى تربية أبنائها في بيئة هادئة وآمنة.

3. عدد أيام الإجازات السنوية المدفوعة:

توفر كندا 17 يومًا من الإجازات السنوية المدفوعة، وهو رقم يُعتبر جيدًا مقارنة ببعض الدول، لكنه أقل من العديد من الدول الأوروبية. على سبيل المثال، تقدم ألمانيا 30 يومًا، وأستراليا 30 يومًا، بينما تمنح النرويج 35 يومًا، وتتصدر إسبانيا هذا المؤشر بـ36 يومًا. ومع ذلك، فإن هذا العدد في كندا لا يشمل الإجازات الرسمية التي تختلف حسب المقاطعة، وهو ما يعني فعليًا أن الموظف قد يحصل على أيام راحة إضافية حسب مكان العمل.

4. إجازة الأمومة ومعدلات الدفع:

في كندا، يحق للمرأة الحامل الحصول على 15 أسبوعًا من إجازة الأمومة، بالإضافة إلى 40 أسبوعًا من إجازة الوالدين (والتي يمكن أن يتقاسمها الزوجان)، ليصل المجموع إلى 55 أسبوعًا، مع دعم مالي يصل إلى 55% من الدخل، يُصرف من خلال برامج التأمين على العمل. رغم أن النسبة ليست 100%، إلا أن المدة الطويلة مقارنة بدول أخرى تجعل النظام الكندي من أكثر الأنظمة دعمًا للأسرة. على سبيل المثال، ألمانيا تمنح 14 أسبوعًا فقط بنسبة 100%، والنرويج تقدم 49 أسبوعًا بنسبة 100%، وأستراليا تقدم 12 أسبوعًا فقط لكن بالحد الأدنى للأجور، بينما تمنح إسبانيا 16 أسبوعًا بنسبة 100%. ما يميز كندا هنا هو المرونة وطول الفترة، مما يسمح للأسر بالتخطيط بشكل أفضل لتنشئة أطفالهم.

5. عدد ساعات العمل الأسبوعية:

بلغ متوسط عدد ساعات العمل الأسبوعية في كندا 35.2 ساعة، وهو معدل معتدل مقارنةً بعدد من الدول الأخرى. ألمانيا مثلاً تسجل 33.2 ساعة، والنرويج 32.6 ساعة، وأستراليا 32.29 ساعة، في حين ترتفع النسبة قليلًا في إسبانيا إلى 36.3 ساعة. هذا يعني أن كندا تقع ضمن النطاق الذي يضمن للعاملين وقتًا كافيًا لحياتهم الشخصية، دون الإفراط في ساعات العمل، ما يعزز الشعور بالتوازن والرضا المهني.

كندا تتراجع مركزين ولكن تتحسن فعليًا:

الجدير بالذكر أن كندا كانت قد احتلت المركز الخامس عالميًا في تقرير Remote لعام 2024، ما يعني أنها تراجعت هذا العام بمقدارين اثنين. ومع ذلك، فإن درجتها الإجمالية تحسنت فعليًا من 72.75 إلى 73.46، مما يشير إلى أن تراجع المركز لا يعكس تدهورًا، بل على العكس، بل يُظهر أن دولًا أخرى حسّنت أداءها بوتيرة أسرع.

لماذا كندا؟

عند تجميع كل هذه المؤشرات معًا، نكتشف أن كندا توفر واحدة من أكثر البيئات توازنًا في العالم من حيث العمل والمعيشة، وتحديدًا للعائلات والمهاجرين. من نظام صحي حكومي شامل، إلى نظام إجازات مرن، إلى بيئة آمنة نسبيًا، ومستوى سعادة معقول – تقدم كندا “الحزمة الكاملة” التي يبحث عنها المهاجر الحديث.

المزيج الفريد بين الأمان، والمرونة في العمل، والدعم الأسري، وجودة الحياة، يجعل كندا واحدة من أفضل الوجهات التي يمكن للمرء أن يختارها ليس فقط لبناء مستقبله المهني، بل أيضًا لبناء حياته الشخصية والأسرية بشكل متوازن.